أنشطةاداراتزياراتمقالات

دور المشاركه المجتمعيه فى تطوير العمليه التعليميه

تلعب المشاركة المجتمعية دورا مهمًّا في تطوير التعليم وتحسين مخرجاته، حيث أصبح هناك اليوم وعي كبير بأهمية التعليم، ودوره الجوهري، في إحداث التنمية والتطور البشري والعمراني والحضاري في حياة الأمم والشعوب التي آمنت به وفعَّلت دوره في البناء الحضاري للمجتمع، لتحصد ثمار ذلك من خلال تطور وتنمية مجتمعاتها واقتصادها.
ولقد شهد ذلك وأكده العديد من مفكري وزعماء العالم الذين آمنوا به وطبقوه في واقع مجتمعاتهم فحصدوا نتائجه بصورة واضحة. فقد أكدوا دور التعليم في أقوالهم بل تعدى ذلك إلى أفعالهم من خلال تحويل تلك الأقوال إلى أفعال وبرامج عمل لنهضة مجتمعاتهم ومن هؤلاء على سبيل المثال وليس الحصر، ما قاله (لي كوان يو) مؤسس سنغافورة الحديثة حيث يقول: «أنا لم أقم بمعجزة في سنغافورة، أنا فقط قمت بواجبي نحو وطني، فخصصت موارد الدولة للتعليم، وغيرت مكانة المعلمين من طبقة يائسة إلى أرقى طبقة في سنغافورة، فالمعلم هو من صنع المعجزة، هو من أنتج جيلا متواضعا، يحب العلم والأخلاق، بعد أن كنا شعبا يبصق ويشتم بعضه في الشوارع».
وما قاله مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا: «أهم درس تعلمته من تجربتي في الحكم أن مشاكل الدول لا تنتهي، لكن علاجها جميعا يبدأ من التعليم».
وما قاله رئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا: «التعليم هو السلاح الأقوى لتغيير العالم.. ويقول إذا أردت أن تطور فردا، أسرة، مجتمعا، أمة، ركز على جودة تعليمها».
وكذلك ما قاله لي ميونج باك رئيس كوريا الجنوبية السابق والذي استمرت فترة رئاسته من 2008 حتى 2013. ومن أشهر وأهم أقواله «لم تمح الرئاسة آثار ورائحة القمامة من يدي، وهذا أكثر ما أفخر به الآن» ومن أقواله أيضًا «إن كوريا الجنوبية كانت خامس أفقر دولة في العالم منذ خمسين عامًا، واليوم هي أكبر خامس اقتصاد في العالم، وذلك بسبب الاهتمام والتركيز على التعليم، فنحن لا نملك أي موارد في كوريا الجنوبية غير البشر». ويمكن تعريف المشاركة المجتمعية في تطوير التعليم بأنها كل الجهود والإسهامات والمبادرات التي يمكن أن يسهم أو يشارك بها بصورة إرادية المجتمع المدني من أفراد أو مؤسسات أو منظمات أو جمعيات أهلية بالتعاون مع الجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم من أجل تطوير التعليم وتحسين مخرجاته وجودته.
أما لماذا المشاركة المجتمعية في تطوير التعليم وما دورها وأهميتها في هذا المجال فتكمن في العديد من النقاط منها:
أولا: لأهمية التعليم نفسه، فالتعليم من أهم عناصر التنمية والتقدم للمجتمعات والأمم وقد تأكدت هذه القناعة لدى مختلف شعوب ودول العالم. فقد آمنت المجتمعات والشعوب والأمم بأهمية الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه التعليم في بناء الإنسان والذي هو من صلب رسالتها ومن صميم أهدافها التي تسعى لتحقيقها، ولضخامة هذا الدور فإنها تؤمن إيمانا عميقا بمبدأ الشراكة المجتمعية لإنجاز هذه المهمة الكبيرة.
ثانيا: أن التعليم حق من حقوق المواطن وهذا ما أكدته القوانين المحلية والدولية. فإذا كان التعليم حقا للمواطن فعلى المواطن متابعة حقه في الحصول على أفضل تعليم ممكن.
فالتعليم قضية مجتمعية تخص كل فرد في المجتمع وتدخل في كل بيت وأسرة، وتمس حياتهم وحياة أغلى ما يملكون وهم الأبناء، ما يتطلب ضرورة المشاركة المجتمعية فيه.
ثالثا: المشاركة المجتمعية في التعليم تنمي الإحساس بالولاء والانتماء وتدعم تحقيق قيم المواطنة والمشاركة الديمقراطية لدى أفراد المجتمع والشعور بالمسؤولية الاجتماعية.
رابعا: المشاركة والمتابعة والمساءلة المجتمعية في التعليم تساعد على تحسين جودة التعليم وتطويره.
خامسا: الإسهام في حل بعض المشكلات التربوية والتعليمية واقتراح بعض الأفكار الإبداعية لتطوير العملية التعليمية والتربوية داخل المدارس. وكذلك توفير الدعم المادي لسد بعض الاحتياجات المادية للعملية التعليمية.
أما أطراف المشاركة المجتمعية في التعليم، فتتمثل في طرفين أساسيين هما مؤسسات المجتمع المدني وأفراده والجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم.
وتتمثل مؤسسات المجتمع المدني وأفراده في: أولياء الأمور، ومجالس الآباء، والأفراد المختصين في التربية والمهتمين بها.
ومؤسسات المجتمع المدني وتتمثل في عدد من الجمعيات والأندية منها: جمعيات نسائية، واجتماعية، وشبابية، وإسلامية، وصناديق خيرية، وجمعيات خيرية، ومهنية، ومؤسسات خاصة، وجمعيات تعاونية، والنوادي، ومؤسسات القطاع الخاص.
أما الجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم فتتمثل في: وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي، والمجلس الأعلى للتعليم والتدريب، والجامعات، والمدارس، والروضات، والمعاهد، وجميع أنواع المؤسسات التربوية، ويكون هذا التعاون بهدف تطوير التعليم وتحسين مخرجاته وتعزيز جودته.
بعض مجالات المشاركة المجتمعية لتطوير التعليم:
هناك العديد من مجالات المشاركة المجتمعية التي يمكن أن تسهم بصورة واضحة في تطوير التعليم وتقدمه ومن مجالات المشاركة المجتمعية ما يلي:
1- المشاركة في رسم وتحديد السياسات التعليمية ووضع الخطط الاستراتيجية وصياغة الأهداف التعليمية التي تمثل البوصلة العملية لعمل الجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم الرسمي، فلا يمكن وضع كل تلك الخطط بعيدا عن المستفيدين الرئيسيين من الخدمات الأساسية التي تقدمها الجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم.
2- المشاركة في تشخيص الواقع وتحديد الاحتياجات:
وهذا من المجالات المهمة التي يمكن من خلالها إشراك مؤسسات المجتمع المدني وأفراده لتشخيص الواقع وتحديد جوانب القوة والضعف في نظامنا التعليمي ولتحديد الاحتياجات الأساسية لتعزيز هذا النظام وسد الثغرات.
3- المشاركة في وضع المناهج الدراسية وفي العملية التعليمية:
من خلال المشاركة في بناء ووضع المناهج الدراسية بعناصرها المختلفة بدءا من تحديد أهداف التعليم العامة وتحديد أهداف المقررات الدراسية إلى المشاركة في كتابة المحتوى وتأليف الكتب المدرسية خصوصا فيما يتعلق بالمناهج ذات الصلة بالبيئة المحلية ووضع واقتراح الأنشطة التعليمية وطريقة القياس. ومن خلال تطوع بعض الآباء أو أفراد من المجتمع المدني في تدريس بعض موضوعات المناهج الدراسية، أو مساعدة المعلمين داخل الصف.
4- الإسهام في تدريب المعلمين والارتقاء بهم من خلال تقدير حاجات المعلمين التدريبيـة ومشاركة الآباء وأعضاء المجتمع في برامج التطوير المهني، وخاصة في الموضوعات التخصصية والمهارات العملية التي يتمكنون منها.
6- الإسهام في الأنشطة المدرسية المختلفة والمتنوعة:
يمكن لأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني أن تسهم بفاعلية في العديد من الأنشطة اللا صفية والمدرسية والوطنية التي تنظمها المدرسة بحسب تخصصاتهم وبحسب إمكانياتهم.
7- المشاركة المجتمعية في تمويل العملية التعليمية:
هناك العديد من المجالات للمشاركة المادية في التعليم وخاصة أن تكاليف التعليم عالية جدا وفي حاجة مستمرة إلى التطوير والتوسع، ما يتيح المجال لأفراد المجتمع المدني من التجار والموسرين للمشاركة المادية في تطوير التعليم ويمكن أن يكون الإسهام المادي في مجالات متعددة منها: التبرع بالأراضي لإقامة المدارس أو إنشاء المدارس، وصيانة المدارس، وتأثيث المدارس، وتأمين الأجهزة والمعدات التعليمية، وطباعة الكتب التعليمية والنشرات التربوية، والمشاركة في دعم الطلبة المحتاجين لإكمال دراستهم من خلال توفير المستلزمات المهمة لهم أو التبرع لهم، الإسهام في دفع تكاليف تدريب المعلمين وتحسين مستواهم.
8- المشاركة في الرقابة والتقييم:
كذلك يمكن لمؤسسات المجتمع المدني وأولياء الأمور المشاركة في مراقبة أداء المدارس من خلال الملاحظات التي تصلهم من أبنائهم أو من خلال حضورهم ومشاركتهم في بعض الأنشطة والتعاون مع المدارس في تفادي تلك الملاحظات للارتقاء بمستوى العملية التعليمية.
9- المشاركة في حل بعض المشكلات المدرسية والتعليمية:
هناك عدد من المشكلات التي يمكن أن يسهم في حلها أولياء الأمور منها المشكلات السلوكية لدى الطلبة أو المشكلات التعليمية والتحصيل أو المشكلات التي قد تواجههم مع بعض أولياء الأمور أو بعض المشكلات الإدارية أو اللوجستية، ولن تتحقق هذه المشاركة المجتمعية بصورة مثمرة إلا إذا كانت هناك قناعة وثقة حقيقية متبادلة بين مؤسسات المجتمع المدني وبين الجهات الرسمية المسؤولة عن التعليم الرسمي في البلاد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى